محاور المشاهير عدنان الكاتب يحاور الأميرة ديمة بنت منصور

حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb

بداية وقبل الدخول في تفاصيل هذا الحوار، أود أن أشكر بإسم رئيسة التحرير وأسرة التحرير الأميرة ديمة بنت منصور بن سعود آل سعود على تخصيصها الكثير من وقتها لنا خلال مراحل تصوير هذا اللقاء بمناسبة “يوم المرأة العالمي”، والذي تألقت فيه بمجوهرات دار “شوميه” Chaumet العريقة والمعروفة بأنها دار مجوهرات العائلات الملكية على مرِّ التاريخ، وتتزين بتيجانها الملكات والأميرات، بمن فيهن “جوزفين” إمبراطورة فرنسا وزوجة “نابليون بونابرت”، كما أشكرها على سعة صدرها وإجابتها عن كل الأسئلة التي وجهناها إليها، حيث خصتنا بمعلومات غنية عن أعمالها المميزة ومشاريعها المستقبلية، وطموحها، وشغفها بدعم صناع الموضة من الشابات والشباب السعوديين للوصول إلى العالمية، وتوسيع الدور الإقليمي للسعودية في الموضة وفن التصميم والثقافة.

لنبدأ اللقاء بيوم المرأة العالمي الذي يأتي في هذا الشهر الذي تتصدرين فيه غلاف مجلتنا.. كيف تنظرين إلى هذا اليوم؟ وكيف ترين وضع المرأة على المستوى العالمي، والعربي والخليجي؟ وما رسالتك لها؟

أولا، أود أن أعبر عن شكري لكم على دعوتي للظهور على غلاف عدد هذا الشهر، وأن أكون جزءا من مجتمع مجلة “هي”. فلطالما احترمت واستمتعت بأعمالكم وجهودكم في أنحاء المملكة.

بالنسبة لي، لطالما كانت هناك نساء رائعات في حياتي وشخصيات أنثوية ألهمتني، وخاصة في منطقتنا، وإنه لأمر رائع أن يكون لدى المرأة يوم للاحتفال به، لأن مثل هذه الأيام تشجع مجتمعنا على التعبير والتقدير، ولكن يجب اعتبار كل يوم يوما للاحتفال بمواهب النساء، وكذلك بأي فرد نشط في مجتمعنا يطمح كل يوم إلى تحقيق أهدافه.

مع التطورات المختلفة وكجزء من رؤية 2030، فإن العديد من النساء أصبحن يتمتعن برؤية ودعم أكبر. أشعر بالفخر عند رؤية محيطي الشخصي والعملي في تطور مستمر، وهو ما يجعلني أشعر بمزيد من الحافز والإلهام.

الرسالة التي سأشاركها للمرأة بمناسبة يومها العالمي هي ما كنت دائما أؤيده:”كوني صادقة مع نفسك، وواثقة بوجود مساحة للجميع. سوف نخطئ ونصحح ونتعلم، فهذه هي الأشياء التي تسمح لنا بالنمو والتحسن. فكري بشكل أوسع. وكوني منفتحة على الفرص والتجارب الجديدة”.

مَن النساء المؤثرات في حياتك؟ وما أهم النصائح التي أثرت فيك؟

هناك العديد من الأشخاص الذين دعموني وشجعوني، وكانوا دائما جزءا كبيرا من رحلتي، لكن والدتي أهم امرأة كان لها أكبر تأثير فيّ. فقد آمنت بموهبتي ودعمتني وشجعتني، وهو ما عزز ثقتي بنفسي، وحوّل طموحاتي إلى حقيقة واقعة.

والدتي قدوتي، ونصيحتها: “كوني أنت.. لا ينقصك شيء كي تكوني مبدعة ومتميزة”.

تحتفل مجلة “هي” معك بإنجازاتك التي أسهمت في صنع مجتمع محفز للشباب والمبدعين في عالم الأزياء، حدثينا عن أهم تلك الإنجازات من وجهة نظرك، وكيف جذبت الشباب والشابات إلى مشروعك “بيرسونيج” Personage؟ وكيف ترينه بين الأمس واليوم؟

عندما بدأت العمل على “بيرسونيج” كان طموحي خلق مساحة يستطيع كل فرد أن يعيش من خلالها تجربة أو إيجاد منتجات مميزة من ماركات عالمية ومحلية، وأهم من ذلك أن يشعر كل فرد أنه في مجتمع قريب له.

كنت وما زلت أبحث عن المواهب للتعاون معهم، وخلق تجارب ملهمة من شتى أنحاء العالم عن طريق العمل على مشاريع عالمية، وحتى مشاريع صغيرة لمواهب محلية جديدة.

وما أهدافه المستقبلية؟

ترتكز استمرارية “بيرسونيج” على المجتمع المكون بمحيطها، وفي هذا المجال توجد دائما مساحة للتعلم والنمو، ونحن بالتأكيد نتعلم دائما من خلال تجاربنا. نتطلع دائما إلى التحديات المستقبلية، ونبحث أين يمكننا إحداث تأثير. يتركز طموحنا على النمو ومواصلة بناء العلاقات ودعم المواهب الجديدة والحالية، إضافة إلى توسيع دورنا الإقليمي في الموضة وفن التصميم والثقافة. وقد نفذنا أخيرا مشروعا مميزا ضم 50 موهبة في تجربة جديدة بالنسبة لنا جمعت فريقا مكونا من عارضي ومصممي الأزياء ومنتجين وفناني ماكياج ومختصي المسرح والإضاءة. وسنواصل تطوير هذا المجال جنبا إلى جنب مع العديد من المجالات الأخرى، إضافة إلى جهودنا المستمرة لدعم المواهب في المنطقة، والتعاون معها، وإبرازها.

يرتبط اسمك دائما بدعم المبدعين المحليين في عالم الأزياء، وتتكلمين دوما عن منح الفرص وصقل المواهب المحلية، كيف يمكن لمشروعك أن يحقق فوائد أكثر؟ وما نوع الدعم الذي تحتاجين إليه؟ ومن أي جهة أو أشخاص؟

أنا شغوفة بدعم صناع الموضة المحليين، وأولئك الذين لديهم طموح.

في بعض المشاريع السابقة، نفذنا عملية ربط وتعاون بين الفنانين والمصممين الإقليميين والدوليين، وأنشأنا برامج وورش عمل استهدفت بناء المهارات الوظيفية للمصممين والفنانين والمصورين في المنطقة. وقد أدت العديد من التطورات الأخيرة في المنطقة إلى تضخيم الفرص المتاحة لمواهب منطقتنا لتطوير وبناء قدراتهم.

أطمح إلى إنشاء المزيد من البرامج للمواهب لبناء مهاراتهم وقدراتهم، إضافة إلى استخدام منصة “بيرسونيج” لعرض مواهبهم ومشاركتها. وقد بنينا عددا من الشراكات الدولية على أمل عرض مواهب منطقتنا على منصة دولية.

الحكومة تدعم العديد من الأنشطة الإقليمية، لكنني أعتقد أنه من المهم أن ندرك كقطاع خاص أن المسؤولية الثقافية مسؤولية الجميع، ونأمل دعم الأنشطة وتطويرها في جميع أنحاء المملكة.

نحن نتشارك المسؤولية الثقافية للعمل معا، وعلى القطاع الخاص الاتحاد مع الحكومة لمتابعة وإنشاء منصات لما سبق ذكره.

نعتقد أنه من خلال العمل بالشراكة مع المنظمات الإقليمية الأخرى ووزارة الثقافة، يمكننا العمل على خلق المزيد من الفرص للمواهب ولـ”بيرسونيج” لتكون مركزا للابتكار والتميز الإبداعي.

احتفل مجتمع الأزياء السعودي مؤخرا بتأسيس أول جمعية أزياء مهنية من نوعها، وأنت عضو مؤسس لها، كيف تصفين هذه المحطة وهذا التكريم الذي يحتفي بإنجازاتك؟ وما أهم مشاريعك وطموحاتك لدعم صناعة الأزياء والمواهب السعودية؟

هذا التكليف شرف لي، وبإذن الله، أنا وزملائي نكمل بعضنا بعضا في هذه الجمعية، وإن شاء الله، سنكون عند الثقة والتطلعات التي يطمح إليها أبناء البلد، وكل من اختارنا لنكون ضمن هذه الجمعية، وأنا أطمح إلى التعرف أكثر إلى المصممين ومسؤولي الإنتاج، ولفت النظر إلى العوائق التي قد تواجههم والعمل على حلّها لتسهيل إنتاجاتهم.

ملامح وتفاصيل الفخامة في عالم الموضة والأزياء تخطت معايير ومواصفات المعتاد. كيف تعيدين صياغة الفخامة في المجتمع بمفهومك الخاص؟

بين كل فترة وأخرى تكون هناك صرعات أو اتجاهات جديدة في عالم الأزياء، نحن لا نلاحقها جميعا إذا لم تتناسب معنا. تختلف الأذواق كثيرا، وكل شخص يتناول الموضة والأزياء بهويته الخاصة.

أنا امرأة سعودية، وثقافتي سعودية، والثقافة السعودية عريقة ومليئة بالإبداعات والألوان والمجالات، وسوف أقتبس وأترجم ثقافتي في عالم الأزياء بطريقة مبتكرة تليق بما أعرفه، وفي بعض الأحيان سنندمج مع الثقافات الأخرى.

مدينة الرياض جديرة بأن تكون إحدى عواصم الموضة الجاذبة، حيث تستعد لاستضافة حدث عالمي لدار “شوميه” العريقة للمجوهرات هذا الشهر، ما انطباعك عن هذه المكانة المرموقة التي وصلت إليها عاصمة الفن والثقافة والموضة؟

المكانة لا تحكمها المظاهر الخارجية، بل يجب أن تأتي من قيم ومعتقدات أعمق.  مع الطموح والدافع والابتكار لمجتمعنا الإبداعي، المدعوم بجهود رؤية 2030، تستعد الرياض للنمو، لتصبح عاصمة الموضة.

بالتزامن مع ذلك، هنا في المملكة العربية السعودية، لدينا تراث ثقافي جميل وغني في كل أنحاء بلادنا، وكذلك نعتز بانفتاحنا على الأفكار والثقافات الجديدة. وإضافة إلى ذلك نحن شعب نسعى دائما الى التفوق بشتى المجالات. وهذا يضعنا في موقف لا يمكننا فيه التفكير والتأمل بطريقة وصولنا إلى مستوى جيد، بل يدفعنا إلى أن نكون روادا في العديد من المجالات.

أعتقد أيضا أننا نحن السعوديين، لدينا فهم وتقدير عميقان للموضة والفنون التي كانت معنا منذ أجيال عدة. نحن الآن قادرون على التعبير عن هذا على أرضنا من خلال دعوة المبدعين والعلامات التجارية العالمية للتعاون معنا.

بذلتم جهودا ملموسة وناجحة في تناول قضية الموضة المستدامة بالشراكة مع هيئة الأزياء، حيث شاركتم في استضافة “منصة تبادل الأزياء العالمية GFX” “الرياض سواب شوب” التي تقام للمرة الأولى في المملكة، في متجر “بيرسونيج” بمدينة الرياض، ما مستقبل هذه المبادرات والفعاليات؟

من الضروري أن يكون لدينا رؤية عالمية خاصة عندما يتعلق الأمر بالموضة والفنون، لأننا في بداية بناء هذا المجال في المملكة العربية السعودية.

الحاجة إلى الوعي بالممارسات المستدامة أمر ضروري للعالم كله، ولكن كي ينجح أي طموح من هذا النوع، يجب على الناس فهم فكر وأهمية الاستدامة للمضي قدما، نأمل في استخدام منصة “بيرسونيج” لمساعدة المجتمع على فهم أهمية الاستدامة ومعناها، مع تطوير الخيارات وخلق مساحة تسمح للمصممين والمبدعين والشعب بوجه عام بتحويل هذه المبادئ إلى أعمال قابلة للتطبيق.

يعتقد الكثيرون أن أمور الموضة المستدامة مسؤولية الجيل القادم من المصممين لإنشاء وصناعة أزياء صديقة للبيئة. كيف تسعين إلى نشر الثقافة والوعي في هذا المجال؟

يجب ألا ننتظر “الجيل القادم” أو من سيقوم بالخطوة القادمة. كل منا لديه مسؤولية حاليا للنظر في خياراتنا وإدراك الأشياء التي نفعلها، وكيفية فعلها وتأثيرها. لذلك، كما ذكرت سابقا، سأستخدم منصة Personage لنشر التعليم والوعي بأهمية الاستدامة، بهدف تطوير مبادرات على المستوى الإقليمي والمحلي توعي كلا الطرفين المستهلك والمصمم بأهمية الاستدامة وكيفية إدارة موادها. يجب أن يُنفذ ذلك من خلال بناء قنوات تواصل مع كلا الطرفين، ومن هذا المنطلق سنعمل دائما على تحقيق الاستدامة.

ما المهمة الاجتماعية للموضة؟ وكيف نرتقي بها في السعودية؟

لطالما كانت الموضة عبر التاريخ انعكاسا للمجتمعات وقيمها. وتعتبر الموضة واحدة من أكبر الصناعات في العالم. مع وضع هذين العاملين هناك عدة طرق للارتقاء، مثل التوعية في صناعة أزياء صديقة للبيئة، ودمج الثقافات في الأزياء، وتسليط الضوء على تراثنا. وأود هنا أن أشيد بـ”كأس السعودية” هذه المناسبة والفعالية المهمة التي لفتت أنظار العالم إلى دمجنا للأزياء المعاصرة بجمال تراثنا العريق.

التنوع واجب، وجزء كبير منه هو تبادل الثقافات وتسليط الضوء على تراثنا، وكيف يرتبط بحاضرنا الحالي، ويبرز هويتنا للعالم كسعوديين.

كيف لكم بصفتكم مبدعين أن تصنعوا بيئة محفزة وفرصا تليق بإبداعاتكم وتقودكم إلى قلب المعايير المعتادة في المجتمع؟

نحن لا نريد قلب المعايير.. نريد أن نطورها ونرتقي بها بما يناسب ثقافتنا، ومفهومنا، وعاداتنا، وتقاليدنا. برأيي البيئة الملائمة هي الأساس. لنبتكر ونفكر في خلق وتطوير طرق تحفيز المبدعين وخلق الفرص لهم، يجب علينا أن نفهم تحدياتهم وتطلعاتهم واحتياجاتهم، ونعمل معهم على حلها ليبرزوا إبداعهم.

أخيرا، هل لنا أن نتعرف قليلا إلى بعض تفاصيل حياتك ابنة وأختا، وصديقة داعمة، وأمّا ملهمة؟

انا إنسانة عفوية جدا، أحب كل ما هو جميل ولافت ومختلف، أستمتع بخوض المغامرات والتحديات التي تدفعني للتعبير عن ذاتي في حياتي الشخصية والعملية. وأنتمي، ولله الحمد، إلى عائلة مترابطة ومحبة ومبدعة، الله يحفظها.

بصفتي ابنة أشعر بالفخر والامتنان لكوني ابنة لأعظم شخصين في حياتي تعلمت منهما ومن خلالهما الكثير، ولهما الفضل بعد الله في ما أنا عليه الآن.. أدعو الله أن يقدرني ويرزقني برهما ورضاهما، أنا الأخت الكبرى لأشقائي، وهم الأقرب لي.. علاقتنا كأصدقاء مقربين أكثر من كونها علاقة أخت كبيرة بإخوانها، ونحن موجودون معا ولبعض دائما بإذن الله، ونشارك بعضنا بعضا تفاصيلنا، وندعم بعضنا على الصعيد الشخصي والعملي. صديقاتي هن عائلتي الثانية.. أحرص على علاقتي معهن والتواصل معهن، وأنا أدعمهن وأفرح لنجاحاتهن.. أنا أم وأخت وصديقة لابنتي، وأحرص على أن تكون قادرة على أن تعبر عن ذاتها، وتتبع شغفها، وتصل إلى ما تطمح إليه، وهي مستمتعة بحياتها وواثقة بنفسها وقدراتها.

يمكنك أيضا قراءة More from author