انطلاق الملتقى الخليجي الأول للنخب

انطلقت أولى فعاليات الملتقى الخليجي الأول للنخب تحت عنوان “خطوات استراتيجية لبناء الشخصية القيادية”، بتنظيم شركة أكت سمارت لاستشارات العلاقات العامة بالتعاون مع ملتقيات إبداع في المملكة العربية السعودية وجمعية العلاقات العامة البحرينية ، الذي أقيم في منتجع سوفتيل الزلاق بالبحرين، وقد شهد الملتقى جلسات عمل ثرية وتدريبية عملية تفاعلية لاقت تفاعل وحماسة المشاركين.

وقد بدأت الجلسة الافتتاحية من الملتقى بكلمة ترحيبية من د. فهد الشهابي –الأمين العام، ركز فيها على أهمية القيادة وكيف أن النخب في المجتمع لا بد وأن يتحلوا بالصفات القيادية والتي تستلزم التدريب والتطوير، وهو ما جاء هذا الملتقى من أجله، لتلاقح خبرات القادة وصناعة المشاركين لتبوأ المواقع القيادية.

وفي كلمة لرئيسة الملتقى سفيرة الإبداع أ. نورة الشعبان، قالت فيها؛ أن القيادة بذرة داخل الإنسان شأنها شأن الإبداع والتميز، وأن تلك البذرة بحاجة لبيئة ترعاها حتى تكبر.  وفي كلمتها أثارت سؤال “هل القادة يولدون أم يصنعون؟”، مشيرة إلى أن هذا ما سيجيب عليه بشكل عملي رجع الصدى لتدريبات الملتقى.

وفي الجلسة الأولى من الملتقى تناول صلاح الزامل عدداً من الأفكار حول القيادة مؤكداً على الاكتفاء بالتعريف بنفسه من خلال اسمه فقط، معللاً أن ما يعرف الإنسان ليس الصفات وإنما ما يقدمه من فائدة، وأن المهم في الأمر أن يطرح المرء فكرة ذات قيمة، وحول ورقته فقد تناولت عدداً من المبادئ الهامة في القيادة مؤكداً أهمية أن يجرب المرء الإدارة بالحب، من منطلق أن الجزرة دائماً أقوى من العصا، ولذلك فإن القيادة هي الرؤية، الرعاية، الحب، الحماس، التشجيع، تحديد الإتجاه، الثقة، الحيوية، التناغم. كما تطرق إلى مفهوم الكاريزما الذي لخصه بالقدرة على أن تجعل الآخرين أكثر راحة تجاه أنفسهم.  

وفي ورقة عمل قدمها د. ظافر العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليجي والعقيد ركن متقاعد من القوات الجوية الكويتية- أشار إلى أهمية التمييز بين المدارس الإيجابية والمدارس السلبية في تخريج القادة، مؤكداً على أن مدارس القادة لا تخرج الإيجابيين دائماَ، مستشهداً بفرعون الذي ذكره القرآن الكريم باعتباره قائداً سلبياً، وبالمدرسة الميكافيلية التي تشتهر بمبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”، وأن هناك من المدارس ما يترجم معنى كيف يتحول القائد إلى طاغية.  وأشار أنه من خلال تتبعه للعلاقات الدولية وجد الكثير من القادة وصلوا لما يريدونه باتباع الميكافيلية متعذرين بالمرحلية والحاجة للشدة والتطرف، ثم فجأة يتحولون إلى ملائكة محبين وسعاة لحب الجماهير والأتباع.

أما أ. خالد الصفيان – مدير عام المناسبات والعلاقات الدولية بشركة سابك، فقط تناولت ورقته لمحات من نشاط وفكر الجمعية السعودية للذوق العام (ذوق)، من منطلق أن الذوق العام اللبنة الأساسية لبناء الحضارات.  وقد استعرض الصفيان عدداً من المشاهد المؤرقة التي تسيء للفرد وللمحيطين به من أفراد وممتلكات كالكتابة على الجدران وتخريب الأماكن العامة والتدخين في الأماكن العامة وسوء تخرين الأطعمة وكلها أمور تتعارض مع الذوق العام، ومنها كذلك سلوكيات قيادة السيارة، معلقاً بقوله:  “دعونا لا نضيع الأمانة فرقيّنا هو الغاية”، وأن “التزامنا يثري حياتنا”، مشيراً إلى أن القائد الناجح يجب أن يكون لديه مشروع مستدام وأن يتحلى بشفافية الأعمال.

أما الجلسة الثانية فقد بدأت فيها المدربة الشابة منال المتروك بورقة عمل هرم القيادة، مشيرةً إلى أن القيادة فعل وليست اسم، وأنه “من السهل إعطاء مثال لكن الصعب أن تكون أنت المثال”، وإلى أن القيادة مقدرة يمتلكها الجميع؛ فهي تُطور ولا تُكتشف.  وحول المراحل الهامة للقائد ركزت المتروك على خمس مراحل أساسية لخصتها في “المنصب، العلاقات، النتائج، التنمية، القمة”.  وأكدت في ورقتها على (3) ركائز أساسية لتطوير الآخرين، تمثلت في “الاختيار الصحيح، التعيين الصحيح، الإعداد الصحيح”.

 

فيما ركز أ. محمد التويجري – خبير إدارة وتطوير الموارد البشرية في ورقة عمل قدمها بعنوان “القــــائد THE LEADER” ، على المفهوم الصحيح للقيادة، والمتمثل في “إتقان فن التفويض، الترويج للعمل الجماعي، وضع خطة استراتيجية، إدارة الوقت”.  مشيراً إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون القائد في أعلى الهرم، ومؤكداً على أن أماكن صناعة القادة متعددة أبرزها “المنزل، المدرسة، المجتمع”، إلى جانب أن دور القائد في المجتمع يتمثل في “التأثير الإيجابي، زرع الثقة، الاحتفال بالإنجاز”. 

وقدمت الجلسة الثالثة والتي اتسمت بالتبادلية التفاعلية أ. نورة الشعبان سفيرة الإبداع، إذ تضمنت ورشة العمل التي قدمتها متطلبات مشروع “حياة الذات البشرية”، بتقديم نماذجاً وقصص متنوعة لاستخلاص الفائدة والعبر، في مشاركة لهموم المشاركين ومعاناتهم في أجواء العمل وعموم المجتمع في ظل ما يواجهه الكثيرون من تحبيط للهمم ومحاربة للطموح والاجتهاد. 

واستشهدت الشعبان في سياق مختلف بعلم الحياة، والذي يطلق عليه بالهندية “الإيروبيدا” والذي لخصته بوصفها “عملية إلهاء الدماغ”. 

وتطرقت الشعبان إلى 20 صفة للقائد، وطلبت من بقية المدربين والقادة من المتحدثين إبداء وجهات نظرهم في الصفة الأهم من بين ال20 المذكورة، ما أثار جدلاً واسع النطاق ما بين وجهات نظر عسكرية ترى في الحزم صفة أساسية، وما بين مديري العلاقات العامة الذين أكدوا على أهمية الطموح، فيما ركز خبراء في التنمية على الفراسة والتنبؤ كصفة هامة في القائد الأمر الذي قوبل من قبل البعض بمناقشة بناءة ساخنة، وتسليم لوجهات النظر الأخرى بأريحية.

وتستمر فعاليات الملتقى الخليجي الأول للنخب في التأصيل لخطوات استراتيجية من شأنها أن تسهم في بناء الشخصية القيادية، إذ ركزت أ. نورة الشعبان في الجلسة الأولى على عدد من الاختبارات حول مفهوم المشاركين للقيادة، إلى جانب جملة من الاختبارات للتعرف على تصنيف الشخصيات “بصرية، سمعية، حسية”.

وتضمنت الجلسة الثانية العمل بأسلوب التفاعل التبادلي، وذلك بإشراك المدربين في مناقشات مع المشاركين حول القيادة وبناء الشخصية القيادية في مجموعات صغيرة يتناوب عليها المدربين الذين ركز كل منهم بدوره على أهم المحاور والمبادئ التي يجدها ضرورية للقيادة الناجحة، وفيما ركزت أ. نورة الشعبان على تميز القائد الفاعلهو الذي يصنع قادة” فن التأثير على الآخرين وصقل شخصياتهم باستثمار إمكانياتهم ليقودا ذواتهم أولا ثم من حولهم ”. 

أما أ. صلاح الزامل فقد ركز على أهمية إعطاء الفرصة الكاملة للنشأ للتدريب والتعلم، كما تناول أهمية الإيجابية في أحلك الظروف.

وفي نقاشات أجراها د. ظافر العجمي تناول أهمية التأهيل والكاريزما في الشخصية القيادية، مشيراً إلى أن الكاريزما تمنح الفرد صفة القيادة بترشيحه من قبل الآخرين، فالقيادة تُعطى ولا تغتصب.  ووقف العجمي على سؤال رئيس “لماذا تريد أن تصبح قائداً؟”، كما وقف على معنى أن يكون للمدير مكتب منفصل عن موظفيه بما يحفظ له مساحة من الهيبة وألا يكون قريباً من مرؤوسيه بما يرفع مستوى الصلة والعلاقة بينهم فيقع المدير ضحية أن يكون محبوباً يستجيب لرغبات موظفيه، لا مهاب يستجيب موظفيه لتوجيهاته.

وناقش د. فهد الشهابي عدداً من المبادئ مع المشاركين، مستعرضاً بدايات مسيرته العملية وكيف تمكن من تحقيق ما هو عليه الآن، منوهاً إلى أن الطريق كان مليئاً بالأشواك ولكن الإرادة والعمل تحت الضغط مكناه من الوصول لما يريد، كما ناقش مع مجموعة أخرى كيف يؤخد الانطباع الأول عن الفرد منا من قبل الآخرين خلال الدقائق الأربعة الأولى من اللقاء وكيف أن لها دور كبير في التمييز بين ممارس العلاقات العامة الجيد، والممارس المتميز.

أما أ. محمد التويجري فقد طرح حجم الجهد والمال اللذين يبذلهما رواد الأعمال في مقارنة مع حجم ما يبذله الموظفين، مشيراً إلى أن الموظفين يلتزمون بمعايير الأداء وحسب من باب إرضاء ضميرهم عن حسن العمل.  وأشار في جلسة نقاش أخرى لأهمية وضع الرؤية والرسالة والقيم التي يلتزم بها القائد ويعمل في ضوئها، كما تطرق لأهمية وجود خطة حاضرة دائماً للطوارئ. وتبنت أ. منال المتروك عدداً من النصائح في مجال القيادة، أبرزها “نتبع القادة ليس لأننا يجب أن علينا ذلك، ولكن لحاجتنا لذلك” و”لا توظف الشخص الذي يحتاج لعمل، ولكن من يؤمن بما تؤمن به”.  أما الجلسة الثالثة من الملتقى فقد بدأت جلسة تصوير واختتمت بمشاركة تفاعلية في تمرين “السلطة”، الذي يخلص إلى قيمة التعاون والعمل الجماعي، والتخطيط وأهمية القيادة في إنجاز العمل.