رولز-رويس داون: نهايةٌ سعيدة نَسجت قصتها من خيوط الإبداع

“استطاعت رولز-رويس من خلال سيارة داون تجسيد فكرة تتخطّى بأهميتها مفهوم السيارات. فقد رمزت سيارة داون المعاصرة، أسوةً بالسيارة ذات السقف المكشوف التي أوحت بابتكارها، إلى تعبير عصري عن أسلوب “لا دولتشي فيتا”، وهو نمط الحياة الجميلة التي تعانق جَمال الحياة وغِناها. تعكس داون شعور المتعة عند وجود الرفقة الطيّبة، والحماس الناتج عن خوض المغامرات والسكينة التي ترافق التأمل بهدوء. لذلك نقول إنّ هذه السيارة خير انعكاس لفنّ العيش الحديث، إذ تنبض تفاصيلها بروح الحياة الحلوة. ومع اقتراب عصر إنتاج داون إلى خواتيمه، لا يسعنا إلا التفكير بهذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ العلامة. تجسّد هذه السيارة الرائعة مفهوم الفخامة المعاصرة بامتياز، وتحتفي بإرث العلامة ومبادئها الأصلية.”

تورستن مولر-أوتفوش، الرئيس التنفيذي لشركة رولز-رويس موتور كارز

تعلن رولز-رويس موتور كارز عن نهاية عصر مجيد ومكلّل بالنجاحات، بعد نيّتها بوقف إنتاج سيارة داون ذات السقف المكشوف. وفي هذه المناسبة، تسرد رولز-رويس قصة السيارة ذات السقف المكشوف الأكثر مبيعاً في تاريخ العلامة، فيما تنكفئ السيارة لتأخذ مكانها بين أعظم سيارات رولز-رويس التي مرّت عبر التاريخ.

سحرُ ورومانسية العصر الحديث

في أعقاب نجاح فانتوم 7 وفانتوم كوبيه وفانتوم دروبهيد كوبيه، بدأت شريحة جديدة من العملاء الشباب اجتماعيّي النزعة والمليئين بالثقة بالانجذاب إلى علامة رولز-رويس. وقد أراد هؤلاء العملاء الجدد لمنتجات الفخامة الفائقة سيارةً تعكس سحر ورومانسية السيارات فائقة الفخامة، تماماً كما فعلت الطرازات الثورية الأولى التي أنتجتها رولز-رويس في حقبة جودوود. ولكنّ الفرق هذه المرة كان بحثهم عن سيارة تلبّي هذا الشرط إنّما وفقاً لأذواقهم الخاصة ونمط حياتهم العصري.

فأدرك الرئيس التنفيذي لشركة رولز-رويس موتور كارز، تورستن مولر-أوتفوش أنّ محفظة منتجات الشركة تسمح بتلبية هذه الرغبة. ولذلك، تحدّى مصمّميه لابتكار سيارة من وحي فانتوم دروبهيد كوبيه، إنّما تجسّد نوعاً جديداً بالكامل من السيارات فائقة الفخامة وذات السقف المكشوف. لم يكن الهدف ابتكار سيارة جميلة فحسب، بل سيارة تنضح بمشاعر الرومانسية والسحر التي رافقت أسطورة رولز-رويس منذ غابر الزمان، وتشكّل تعبيراً اجتماعياً معاصراً عن تجربة القيادة مع سقف مكشوف لجيل جديد صاعد.

علاوةً على ذلك، وَجَب أن تكون السيارة جديدة بالكامل. فقبل ثلاث سنوات، كانت رولز-رويس قد أطلقت سيارة رايث كوبيه بتصميم السقف المنحني، ولكنّ فكرة إعادة استخدامها لم تكن واردة. في المقابل، استلهم مصمّمو العلامة من منتجات سابقة ومتنوعة طبعت تاريخ العلامة. فبين العامَين 1950 و1954، أنتجت رولز-رويس 28 سيارة فقط من طراز سيلفر داون الكوبيه بسقف مكشوف. فتمّت الموافقة بالإجماع على إعادة استخدام داون لإنتاج طراز جديد يجسّد روح القرن الواحد والعشرين تماشياً مع اسمها الذي يرمز إلى البدايات الجديدة والفرص الحديثة والمناظر الرائعة.

عكست السيارة الأصلية بأناقتها الروح السائدة في ذلك العصر، وخُلّدت ذكراها بعبارة “لا دولتشي فيتا” أو الحياة الحلوة. وقد أتى مفهوم “لا دولتشي فيتا” للتذكير بعيش الحاضر والاستمتاع بكل لحظة، رمزاً إلى الرفقة الطيّبة والتأمل بهدوء للتشديد على أهمية تخصيص الوقت للتفكير بمسرّات الحياة بكل جمالها وغناها.

كما كان “لا دولتشي فيتا” عنوان فيلم كلاسيكي شهير أخرجه فيديريكو فيليني في العام 1960. وبات هذا الفيلم يُعدّ من أعظم الأفلام التي صُنعت في التاريخ، إذ جعل من الممثلة أنيتا إكبيرغ نجمةً عالمية واشتهرت بفضله نافورة تريفي التي ما زالت من أكثر المعالم السياحية زيارةً في روما. ومن الطبيعي أن تظهر أيضاً على لوحة التصاميم في استوديو التصميم الخاص برولز-رويس.

قمّة الأناقة والراحة في تصميم واحد فخم

جسّد الفيلم “لا دولتشي فيتا” حياةً مليئة بالشغف والمغامرة والرومانسية، فقد كان زاخراً بالمشاعر والأحاسيس المرهفة والمتعة بشتّى أشكالها. وهذا ما أرادت رولز-رويس تجسيده في سيارتها الجديدة ذات السقف المكشوف، عبر تصميم أشكال كلاسيكية وحِرف معاصرة وطابع ديناميكي قوي وبمنتهى السلاسة.

تجسّدت هذه الرؤية الجريئة في تصميم داون. فقد استوحي شكلها النقي والبسيط من موضة الخمسينيات والستينيات التي تميّزت بإزالة الخطوط والقوامات غير الضرورية للتركيز على أناقة مرتديها. وبشكل مشابه، يعانق هيكل داون الناعم راكبها كَمَن يرفع الياقة فوق المعطف، لمنح الركاب تجربة ركوب خاصة وأنيقة.

وبالفعل، فقد كانت نسبة 80% من الألواح المستخدمة في إنتاج داون فريدة للغاية، إذ شملت “خطاً يشبه أثر بخار الطائرة” على غطاء المحرّك وينبعث من مجسّم روح السعادة، ليعكس الإحساس بتجميع الطاقة بهدوء مع تزويد السائقين بنقطة تلاشٍ دائمة، وهي خاصية في التصميم ما زالت مستخدمة في سيارات رولز-رويس اليوم.

ولكنّ داون تجرّأت على كسر تقليد أساسي عريق في تصميم السيارات. ففي العادة، تُصمَّم السيارات ذات السقف المكشوف بتنسيق 2+2، مع مقعدَين بالحجم الكامل للسائق والراكب الأمامي، بالإضافة إلى مقعدَين أصغر حجماً للركاب أو الأطفال في الخلف. يخفّض نقص المساحة في المقعد الخلفي، ولاسيّما نقص المساحة المتوفرة للقدمَين، من مستوى الراحة والعملانية في السيارة، وهذه نقطة ضعف تأبى رولز-رويس قبولها. وبالتالي، صُمِّمت داون لتتألف من أربعة مقاعد مريحة بالحجم الكامل لكل الركاب.

قد يبدو تصميم داون في الظاهر بسيطاً، ولكنّه اكتنف مجموعةً من التحديات الهندسية المعقدة، لاسيّما آليّة السقف المعقّدة والتي عُرفت باسم “الباليه الصامت” بفضل دقتها وأناقتها وهدوئها التام. في فترة من الفترات، دُرست إمكانية اعتماد سقف صلب قابل للكشف، ولكنّ مصمّمي العلامة قرّروا إنشاء سقف داون من القماش للحفاظ على شعور الرومانسية الناتج عن الاستماع إلى قطرات المطر على القماش. فجرى استخدام مزيج فريد من المواد التي تشمل القماش والكشمير والمركّبات الصوتية عالية الأداء، لتصبح داون أكثر السيارات ذات السقف المكشوف هدوءاً في العالم. وعندما يكون سقفها مغلقاً، تضاهي داون سيارة رايث من حيث عزل الصوت.

برنامج اختبار الطراز

تماشياً مع معايير رولز-رويس المثالية، أمضى المهندسون أشهراً طويلة في تعديل تجربة السقف المكشوف بناءً على برنامج اختبار شامل للحرص على عدم إزالة تدفق الهواء بالكامل ولا السماح لمستويات مزعجة منه بدخول المقصورة. ولتحقيق هذه الغاية، استُخدمت دمية معدّلة ومزوّدة بشعر مستعار طويل ومنسدل. وقد وُضعت في السيارة أثناء القيادة لمئات الساعات، فيما كانت مجموعة من المستشعرات والكاميرات تسجّل بدقة كيفية تحرُّك الشعر بفعل الهواء. فأتاحت البيانات المسجّلة للمهندسين الارتقاء بداون إلى المرتبة الرائدة عالمياً في مجال الراحة الأيروديناميكية حين يكون السقف مفتوحاً.

كما أدركت رولز-رويس أهمية تجربة القيادة بالنسبة للكثيرين من العملاء الشباب الذين ابتُكرت داون من أجلهم. بالتالي، زُوِّدت داون تحت خطوطها البسيطة والرشيقة بمحرك توربو V12 مزدوج شبه صامت بسعة 6.6 لتر وقوة 563 حصاناً. أما الهيكل فساهَم بتأمين تجربة البساط السحري الخاصة بالعلامة عبر الجمع بين سرعة الاستجابة والتفاعل من جهة، وبين انسيابية لا تُضاهى من جهة أخرى.

وهذا ما لَمَسه صحافي أميركي عند اختبار السيارة في وقت لاحق، حيث كان عابراً في منطقة ضربها زلزال بقوة 3.6 درجات على مقياس ريختر، تلته هزّة ارتدادية بقوة 2.7 درجات، ولكنّه لم يدرِ بالأمر إلا بعدما قرأ عنه في وسائل الإعلام صباح اليوم التالي… وكلّ ذلك بفضل انسيابية تجربة الركوب في داون.[1]

بلاك بادج داون

عام 2017، أضافت رولز-رويس نسخة بلاك بادج من سيارة داون إلى مجموعة منتجاتها. وأسوةً بطرازَي جوست ورايث اللذين سبقاها، استمدّت داون شخصيتها الجديدة من سلسلة عمليات هندسية وتصميمية مميّزة. فقد أضاف النظام العادم الجديد بالكامل نوعية صوت بايس باريتون على صوت المحرك. وعُدِّل المحرك نفسه ليقدّم 30 حصاناً إضافياً ويرفع عزم الدوران إلى 840 نانومتر. تروق بلاك بادج داون لأصحاب الروح الجريئة والمتمردة، ما أتاح لها حجز مكانة فريدة بين أعظم سيارات رولز-رويس، متميّزةً بطابع الرومانسية والجاذبية في المدينة ليلاً.

إرث مكتوب بأحرف من ذهب

باتت داون سيارةً مرغوبة جداً، وجسّدت روح “لا دولتشي فيتا” في المحفظة المعاصرة لرولز-رويس عبر الجمع ما بين التصميم المذهل، والمواد المعاصرة، وتجربة القيادة الاجتماعية مع سقف مفتوح. وهكذا، جذبت داون جيلاً جديداً بالكامل إلى العلامة، وضمنت لنفسها مكانةً محفوظة عبر الأزمنة.


يمكنك أيضا قراءة More from author