محاور المشاهير عدنان الكاتب في حوار شيق مع الشيخة ماجدة الصباح

حوار: عدنان الكاتب Adnan Alkateb

التقيت الشيخة ماجدة الصباح التي تنثر التفاؤل والحب والجمال في كل مكان بروحها المرحة وتواضعها وطاقتها الإيجابية، وتحظى بكمية هائلة من الحب والاحترام والتقدير والفخر من كل من يعمل معها ويعرفها عن قرب ويتابعها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل إجابتها على سؤالي عن الشخصية التي التقت بها وأثرت فيها أو تتمنى اللقاء بها، تلخص لنا نظرتها إلى الحياة وإلى كل من حولها: “أنا لا أنظر إلى الآخرين بنظرة شمولية، فلكل شخصية ولكل إنسان جزء جميل في تفاصيله، لذلك أؤمن بأن كل إنسان ألتقيه يؤثر فيّ بطريقته الخاصة، بعضهم بحبه للخير، والآخر بإيجابيته، وغيرهم بطيبتهم، وبعضهم بصدقهم وشفافيتهم وهكذا”.

 كيف تحبين تقديم نفسك؟
ماجدة الصباح، زوجة وأم وجدة ومؤسِّسة العلامة التجارية “أساب” ومبادرة “أساب للتوعية بالصحة النفسية”، مهتمة بكل ما يختص في الجمال الداخلي والخارجي في هذا العالم.

ما الذي تعلمتِه من التحديات التي واجهتك؟
أول ما تعلمته أن الخطأ ليس عيبا، وأخذ قرار خاطئ لا يعني أنك فاشل، بل يعني أنك تحتاج إلى تحليل الأمور ودراستها بشكل أشمل في المرة القادمة، وأن أي خطأ يمكنك إصلاحه، والبدء من جديد للوصول إلى هدفك. التحديات تجعلنا أقوى وأكثر معرفة، والفشل هو بداية النجاح، وليس العكس. فأنا وبسبب الغزو لم يتسنَّ لي إكمال دراستي الجامعية، فقررت أن أتعلم بالطريقة العملية بنفسي، بدءا من كيفية التخطيط لتأسيس شركة وإدارتها بشكل ناجح، ووصولاً إلى التسويق والتمويل وكيفية المحافظة على نجاحها وتوسعة قنواتها.

باعتبارك من أفراد العائلة الحاكمة في الكويت. من الواضح أن لديك شعوراً بالواجب والمسؤولية تجاه وطنك وشعبك. كيف تقيمين دور المرأة في الكويت من جهة، ودور العائلة المالكة في الدفاع عن القضايا الاجتماعية اليوم من جهة أخرى؟
لم أفكر يوماً في نفسي بصفتي ابنة للعائلة الحاكمة، ولم أتربَّ على ذلك، أنا بنت الكويت التي ترغب في خدمة بلدها وشعبها بأفضل طريقة ممكنة، إضافة إلى تقديم المساعدة حيث لزمت لكوني أمتلك منصة إعلامية مسموعة ومشاهَدة من مختلف بقاع الأرض، لذلك أبذل قصارى جهدي لأكون صوتا للأشخاص الذين يحاولون طلب المساعدة من جميع أنحاء العالم.

 

حدثينا عن بداية دخولك إلى عالم الأعمال؟
كان ذلك في عام 2007 ، كنت أتحدث مع شقيقتي، التي هي شريكتي في مشروعنا، عن عدم وجود شركة توفر خدمات عناية منزلية ذات مستوى عالٍ، فطرحت فكرة أن نؤسس هذه الشركة، وفعلا بدأنا بفريق عمل صغير للخدمات المنزلية، وكان شرطنا الوحيد ألا نقبل أي مساعدة من والدينا أو أزواجنا، وأن نتحمل المسؤولية، ومنذ ذلك الحين وشركة “أساب” ASAP ، ولله الحمد، في تطور مستمر ورؤية مستقبلية واضحة ومسيرة ثابتة. وهنا أود الإشارة إلى أن كثيرين يعتقدون بأن دخول سوق
العمل هو عادة بسبب الدخل المادي، وهذا اعتقاد خاطئ. أنا دخلت مجال الأعمال لأكون فردا فاعلا ومنتجا لوطني، لأقدم شيئا، ولو بسيطا، لمجتمعي، لأتابع شغفي بالجمال والصحة والتعليم، لأساعد غيري في توفير فرص عمل لهم. إن بيئة العمل تطور من مهاراتك الاجتماعية، وتوسع آفاق عقلك، وتبعدك عن كونك شخصا سطحيا أو مجرد إنسان يهتم بالقشور. دخلت مجال الأعمال لأثبت لنفسي أولا أني قادرة على الاعتماد على نفسي، والاستفادة من وقتي وطاقتي ومواردي وأفيد من حولي.

هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة في شرح الأمراض النفسية وكيفية علاجها، هل تشاركينا بعضا مما واجهكِ في هذا المجال؟

تشكل وصمة العار المرتبطة بزيارة طبيب نفسي عقبة أمام العديد من الأشخاص الذين يبحثون عن مساعدة طبية للعلاج النفسي، إضافة إلى رفض المريض القاطع لإحالته إلى عيادة أو مركز للصحة النفسية، خوفا من رد فعل المجتمع والمحيطين به، وهو ما يزيد من تحديات علاج هؤلاء المرضى لهذه الأمراض النفسية. الخوف مما يقوله الناس في المجتمع عنهم! صورتهم؟ بما أننا لا نزال للأسف في مجتمع يصف بعض أفراده مريض الصحة النفسية بأنه “مجنون” أو “مو صاحي”.

ماذا عن حملة #موعيب التي أطلقتِها ضمن مبادرة “أساب للصحة النفسية”؟
رسالتي من هذه الحملة ومن المبادرة بوجه عام هي نشر ثقافة العلاج النفسي، وتوعية المجتمع والأفراد بأن المرض النفسي ليس عيبا، وطلب العلاج النفسي ليس عارا أو خطيئة، بل العيب أن أهمل صحتي وصحة من حولي لمجرد مفاهيم خاطئة منتشرة منذ قرون خلت!

ما أكثر المواقف التي أثرت فيك خلال مسيرتك في عالم مواقع التواصل الاجتماعي؟
عندما أعلمت عبر حساباتي عن إصابتي بالاكتئاب، وبدأت بنشر التوعية عن المرض النفسي وضرورة علاجه، استوقفتني فتاة في مواقف سيارات أحد المجمعات في الكويت، وطلبت أن تعانقني، لأنني غيرت حياتها، وأسهمت في إقناع أهلها بأهمية العلاج النفسي، حيث كانت ممن يعانون بصمت ومن دون علاج تحت ضغط الأهل خوفا من رد فعل المجتمع تجاهها. يومها أذكر كيف دمعت عيناي لشعوري بأنني أسهمت في تغيير حياة إنسان وخروجه من الظلمة إلى النور، المرض النفسي موحش ومظلم، ويجب ألا يعاني منه أحد وحده! جميعنا نستطيع المساهمة في تغيير مسارات الكثير حولنا بنشر التوعية.

في عصر العولمة، هناك العديد من الفضائيات وحسابات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وإنستغرام) تعمل على إفساد الجيل وتسطيح العقل، كيف لنا أن نسيطر على تصرفات أولادنا ونمنعهم من الانجراف وراء هذه الموجة؟
بالتأسيس السليم والتربية منذ الصغر على الانتقائية في المتابعة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. أصبحنا في عصر لا نستطيع أن نراقب أبناءنا، ولا أن نفرض عليهم ما لا يقتنعون به، لذلك الطريقة المثلى هي القدوة بالفعل، والعلاقة الودية الصريحة بين الأهل والأبناء، وهو ما يكسر حاجز الخوف من الخطأ، ويفتح المجال للحوار والنقاش التربوي السليم ليجد الأبناء ملجأهم عند الأهل لا عند غيرهم.

كيف تتعاملين مع النقد السلبي على مواقع التواصل الاجتماعي؟
أحب سماع الرأي الآخر والنقد البنّاء، فخير الناس من أهدى إليّ عيوبي ودلني عليها، وكلنا نحتاج إلى أن نطور من أنفسنا باستمرار. أنا أرى النقد وسيلة لتطوير الذات لا العكس.

ما النصيحة التي يمكن أن تقدميها لرائدات الأعمال المبتدئات؟
اختاري ما لديك من شغف! لأن شغفك هو ما سيدفعك قدما، وسيحفزك في أوقات التعب والفشل للمحاولة مجددا وعدم الاستسلام.

حدثينا عن طفولتك؟ وكيف تصفين علاقتك مع بناتك؟

كنت الأخت الكبرى التي تنقذ إخوتها من العقاب عند شغبهم، في كثير من المواقف كنت أدعي أنني أنا من كسر تحفة معينة مثلا نيابة عن إخوتي الصغار، أذكر أنني أكثر إخوتي طلاقة في الكلام والتعبير منذ الصغر، بينما أخوتي أكثر هدوءا. لدي أربع بنات، أدعو الله أن يحفظهن، هن صديقاتي، ولسن بناتي! أشاركهن في كل شيء، وأستشيرهن أيضا في أمور كثيرة. في كثير من الأحيان يشعرنني بأنني أنا ابنتهم بخوفهن ورعايتهن لي.
وماذا عن والدتك؟
والدتي الشيخة أمثال الأحمد الصباح.. أكثر شخصية نسائية تركت وتترك اثرا في نفسي.. إن الطريقة التي تخدم بها بلدها، وتعتني بها بأسرتها والأشخاص المحيطين بها وشعب الكويت هي رائعة ومثيرة للإعجاب. تدهشني بمدى رعايتها لأدق تفاصيل من حولها، واستعدادها الدائم لمساعدة الجميع، ودعمهم بكل طاقتها.

ووالدك الشيخ جابر وشقيقك الشيخ ماجد؟
والدي الشيخ جابر الحمود الصباح، أطال الله عمره، من أطيب الناس الذين يمكن أن تلتقي بهم في حياتك، هو من شجعني لدخول معترك الحياة العملية، وهو من اكتشف موهبتي في العلاقات العامة والعمل الاجتماعي. أما أخي الشيخ ماجد، فهو من يحثني دوما على التميز، ويشجعني بشكل يومي بنصائح ودعم ومعلومات وأفكار، ماجد له دور كبير في ما أنا عليه اليوم، ولله الحمد، هو ليس فقط أخي، بل صديقي ومرشدي في جميع مجالات حياتي الشخصية والعملية.

والداعم الأول لك؟
أول وأكبر داعم لي هو أقلهم ظهورا. زوجي وصديقي ووالد بناتي الشيخ عبدالله النواف الصباح “بو شيخة”، الذي أعتبر نفسي محظوظة بوقوفه إلى جانبي ودعمه الدائم لي منذ اليوم الأول، هو معي في كل خطوة، لم يبخل علي بالدعم والاستشارة والنقد أيضا، لحرصه على أن أكون دوما في أفضل صورة، وأخدم بلدي وأوصل رسالتي بالشكل الأفضل. لا أستطيع أن أوفيه حقه مهما تكلمت وقلت!

أخيرا.. كيف تنظرين إلى الجمال؟
الجمال هو جمال الفكر وصفاء النية ونقاء القلب.. أرى جميلا كلَّ من يُحسن نيته في الآخرين، يبحث عن حسناتهم، ويتقبل عيوبهم، يؤمن بأن الاختلاف أساس التنوع وليس الفرقة.. الروح النقية يشع نورها على وجه صاحبها، فيظهر جمال داخله على خارجه.

 

يمكنك أيضا قراءة More from author