رحيل “جميلة الجميلات”: بريجيت باردو تودع العالم
غيب الموت أيقونة السينما الفرنسية والعالمية، بريجيت باردو (Brigitte Bardot)، عن عمر يناهز 91 عاماً، لتطوي بذلك صفحة من أكثر صفحات القرن العشرين سحراً وإثارة للجدل. رحلت باردو، ليس فقط كممثلة ومغنية عالمية الشهرة، بل كمناضلة شرسة اختارت في عز توهجها أن تترك الأضواء لتنتصر للأرواح الضعيفة، مكرسة حياتها لرعاية الحيوان من خلال مؤسستها التي حملت اسمها وصارت ملاذاً للمتألمين.
الأيام الأخيرة: مواجهة هادئة مع المرض عاشت باردو أشهرها الأخيرة في صراع صامت مع تدهور حالتها الصحية؛ فمنذ أكتوبر الماضي، نُقلت الأيقونة الفرنسية إلى المستشفى إثر إصابتها بمرض خطير أحيط بالكثير من السرية. وكانت نوبات ضيق التنفس قد بدأت تلاحقها منذ صيف 2023، حين استقرت في منزلها بجنوب فرنسا تحت رقابة طبية مشددة. زوجها، برنارد دورمال، روى تلك اللحظات القاسية قائلاً: “كانت الساعة التاسعة صباحاً عندما واجهت بريجيت صعوبة في التنفس.. ظل المسعفون يراقبونها طويلاً خلف أقنعة الأكسجين”، قبل أن ترحل بسلام تاركةً خلفها إرثاً لا يمحى.
من منصات عروض الأزياء إلى عرش هوليوود
بدأت باردو رحلتها كفراشة رقيقة شجعتها والدتها على دراسة الموسيقى والرقص، لكن ملامحها الاستثنائية قادتها سريعاً إلى غلاف المجلات وعروض الأزياء وهي في الخامسة عشرة. ومع مطلع الخمسينيات، انفتحت لها أبواب السينما عبر فيلم “Crazy for Love”، لتقف بعدها مباشرة أمام الأسطورة كيرك دوغلاس في فيلمها الهوليوودي الأول “Act of Love” عام 1953.
لقد كانت باردو في الستينيات أكثر من مجرد ممثلة؛ كانت “نمط حياة” ورمزاً للتحرر والجمال الفرنسي، خاصة بعد فيلمها الأيقوني “And God Created Woman” الذي جعلها ملكة متوجة على عرش الإغراء الراقي والأنوثة المتمردة.
قرار الصدمة: لماذا تركت “جميلة العالم” كل شيء؟ في عام 1973، وبينما كان العالم يركع تحت قدميها، أحدثت باردو زلزالاً فنياً بإعلان اعتزالها في سن التاسعة والثلاثين. لم تكن تبحث عن الراحة، بل عن “رسالة” أسمى؛ حيث قالت مقولتها الخالدة: “لقد أعطيت شبابي وجمالي للرجال، والآن سأعطي حكمتي وخبرتي وما تبقى مني للحيوانات”.
هذا التحول لم يكن مجرد نزوة عابرة، بل تحول لمؤسسة عملاقة أسستها عام 1986، تضم اليوم أكثر من 70 ألف متبرع و500 محقق متطوع حول العالم. باردو، التي وقعت في 2001 اتفاقية لإنقاذ 100 ألف كلب ضال من الموت في بوخارست، أثبتت أن “الأيقونة” الحقيقية هي من تملك الشجاعة لتغيير مسار حياتها من أجل قضية تؤمن بها.
رحلت بريجيت باردو، لكنها تركت لنساء العالم درساً في الكبرياء؛ كيف تشيخين بجمال، وكيف تجعلين من اسمكِ حصناً للمستضعفين، وكيف ترحلين بـ “حكمة” تفوق بريق الشهرة التي لم تسعَ إليها يوماً بقدر ما سعى إليها العالم.
