مهرجان البحر الأحمر: بانوراما سينمائية عالمية بعمق عربي استثنائي
في خطوة تؤكد مكانته كأهم منصة سينمائية في المنطقة، أزاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الستار اليوم عن برامج عروضه الخاصة، “روائع عربية” و**”روائع عالمية”**. لا تمثل هذه القائمة مجرد عروض لأفلام، بل هي خارطة طريق فنية تسلط الضوء على عمق التجربة الإنسانية وتنوع الأساليب السينمائية من جميع أنحاء العالم. وبينما تستقطب الأفلام العالمية كبار النجوم وصناع القرار، تبرز الأفلام العربية بقصصها التي تلامس نبض الشارع وترسم ملامح المشهد الثقافي الراهن. المهرجان يعد بتقديم تجربة استثنائية تمزج بين إثارة هوليوود وعراقة السينما العربية.
روائع عربية.. نبض المنطقة يتجسد على الشاشة
يُقدم برنامج “روائع عربية” بانوراما حية من الإبداع العربي الأصيل، عبر مجموعة منتقاة بعناية تشمل أفلاماً تجارية ومستقلة، منها أعمال حائزة على جوائز وأخرى تُعرض لأول مرة إقليمياً. وقد صرح أنطوان خليفة، مدير البرنامج السينمائي العربي والكلاسيكي، بأن البرنامج “يُعبّر عن احتفاءٍ نابض بالحياة بالمشهد السينمائي في المنطقة، حيث يقدّم صنّاع الأفلام رؤى شخصية تتسم بالصدق والعمق الإنساني، وتكشف عن ثراء التجربة العربية بكل ما تحمله من مشاعر وتناقضات وأمل”.
وتتصدر قائمة الأفلام العربية أسماء قوية ترسم ملامح المشهد الراهن. من السعودية، يبرز فيلم “مسألة حياة أو موت” للمخرج أنس باطهف، الذي يروي قصة حب غير تقليدية على خلفية جدة الصاخبة، حيث يتقاطع مصير امرأة تؤمن بلعنة عائلية ستودي بحياتها مع جراح قلب يعاني من بطء في نبضه. كما تُشارك المخرجة هيفاء المنصور بفيلم الإثارة البوليسية “المجهولة”، الذي تقود بطولته شخصية نسائية تعود إلى بلدتها لتبدأ تحقيقاً خاصاً حول جثة فتاة مراهقة مجهولة الهوية، ليعيد الفيلم مساءلة الصور النمطية حول العنف ضد المرأة. أما فيلم “رهين” للمخرج أمين الأخنش، فهو إنتاج ضخم لـ Netflix بالتعاون مع Telfaz 11، يروي قصة “سطّام”، الشاب الذي يطارده سوء الحظ ويسعى للحصول على المال من والده البخيل.
ويضم البرنامج أيضاً الفيلم الدرامي التاريخي “فلسطين ٣٦” لآن ماري جاسر، المدعوم من مؤسسة البحر الأحمر، والذي يتناول الثورة العربية الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني عام 1936، عبر قصة مصور يتأرجح بين قريته وأجواء القدس المتوترة ليوثّق لحظات التمرد. بالإضافة إلى الفيلم المصري المثير “جوازة ولا جنازة” للمخرجة أميرة دياب، الذي تدور أحداثه حول أم عزباء على وشك الزواج لتأمين مستقبل عائلتها، لتنتهي الأحداث بصدمة مدوية: العثور على جثة في يوم الزفاف.
روائع عالمية.. نجوم الصف الأول يضيئون المهرجان
على الجانب الآخر، يستعرض برنامج “روائع عالمية” باقة من أبرز إنتاجات العام السينمائية من مختلف أنحاء العالم، يشارك فيها كبار المخرجين وأبرز نجوم الشاشة في عروضهم الأولى في العالم العربي. وقد قالت فين هاليغان، مديرة البرنامج السينمائي الدولي في المهرجان: “يُجسّد هذا البرنامج رؤية المهرجان الراسخة في الاحتفاء بروائع الفن السابع وتعزيز التبادل الثقافي، حيث تأخذنا هذه الأفلام في رحلةٍ تمتد من الجزيرة العربية في القرن السابع، مرورًا بسحر العصور الوسطى، وصولًا إلى نبض العالم المعاصر.”
ومن أبرز هذه الأعمال الملحمة التاريخية “محاربة الصحراء” للمخرج روبرت ويات، التي صُوّرت أحداثها في المملكة العربية السعودية وتدور في القرن السابع حول الأميرة “هند” التي ترفض الاستسلام وتوحّد القبائل في معركة “ذي قار” التاريخية. كما تُشارك النجمة أنجلينا جولي في بطولة الدراما المؤثرة “كوتور” (COUTURE) للمخرجة أليس وينوكور، الذي ينسج قصص نساء تتقاطع حيواتهن في أسبوع الموضة بباريس.
ويضم البرنامج أيضاً ملحمة الرسوم المتحرّكة الجديدة “سكارليت” (SCARLET) للمخرج مامورو هوسودا المرشح للأوسكار، والمستوحاة من “هاملت” لشكسبير. بالإضافة إلى الفيلم السياسي الساخر THE WIZARD OF THE KREMLIN للمخرج أوليفييه أساياس، الذي يقود بطولته بول دانو في دور المستشار الإعلامي في الكرملين وجود لو في دور فلاديمير بوتين، ليصحب المشاهدين في حقبة مهدت لواقع عالمنا اليوم. كما يُعرض الوثائقي الراقص “فارّوكيتو: سلالة فلامنكو” (FARRUQUITO)، الذي يحتفي بواحد من أروع راقصي الفلامنكو في جيله.
أخيرا
يؤكد الكشف عن هذه البرامج التزام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بمهمته المزدوجة: دعم السينما العربية وإثرائها، وفي الوقت نفسه فتح نافذة واسعة أمام الجمهور الإقليمي للاطلاع على أحدث وأهم إنتاجات السينما العالمية. هذه الدورة تعد بأن تكون محطة فنية فارقة في مسيرة المهرجان، تجمع تحت سقف واحد كنوزاً سينمائية تعكس تنوع وثراء التجارب الإنسانية من جميع الثقافات.
