عدنان الكاتب يحاور الفنانة راما شوقي

راما شوقي   

أجرى محاور المشاهير عدنان الكاتب ، حوارا خاصا مع الفنانة راما شوقي ، التي التحقت بكلية غولدسميث في جامعة لندن ودرست الفنون الجميلة، ووصف محاور المشاهير راما شوقي بالفنانة المبدعة التي تتطلع لإيصال رسالتها السامية عبر الفن.

حوار عدنان الكاتب و راما شوقي

 

حدثينا عن كيفية دخولك عالم الفنون .. وماذا أعطاك؟ وماذا أخذ منك؟

أبسط ما يمكن أن أقوله عن الفن أنه غيّر حياتي. وكنت سعيدة جدا عندما أقمت معرضي الفني الجماعي الأول في لندن العام الماضي، وبعت لوحتي الأولى. ويسعدني كثيرا أن أعرف أن أعمالي تخطت الحواجز وأثّرت في الآخرين، على الرغم من ذلك فإن نيتي في إنتاج أعمالي لم تكن بهدف الفائدة المادية، فهي بشكل أساسي تنبع من رغبتي في التعبير عن نفسي خارج نطاق اللغة. ففي بعض الأوقات هناك أمور لا أعتقد أنني أستطيع التعبير عنها باستخدام الكلمات وهنا أعتبر أن الفن بحد ذاته يصبح نوعا من اللغات.

 

ما أجمل لوحة رسمتها؟ وما اللوحة الحلم بالنسبة إليك؟

لا أعتقد أنني أمتلك “لوحة حلم” بحد ذاتها، لكن طموحاتي الإبداعية بعيدة المدى وأفكاري لا تتوقف أبدا. في بعض الأحيان يمكن أن يكون من الصعب أن أواكب رغبتي الإبداعية. الحياة “وخلفيتها الضوضائية” يمكن أن تتدخل أحيانا في عمليتي الإبداعية، لكنني أتعلم كيفية توظيف جميع المفاجآت غير المتوقعة التي تُلقى في طريقي من أجل تطوير حسي الإبداعي. في بعض الأوقات تكون الأخطاء التي أرتكبها عبارة عن إنجازات تضاهي بحد ذاتها إنجازاتي الفعلية طالما أنني أستطيع أن أتعلم منها. أما بالنسبة لأجمل لوحة رسمتها، فأنا أحب جميع أعمالي بعيدا عن قيمتها الجمالية، وأحب ما علمتني أعمالي عن نفسي وعن معنى أن أكون فنانة.

من اعمال راما شوقي

هل أنت مع من يقولون إن المرأة أقل نجاحا من الرجل في معظم الفنون وخصوصا الرسم؟ ولماذا؟

يقيس الكثيرون النجاح في عالم الفنون بعدد المعارض الكبيرة التي تظهر بها وعدد جامعي الأعمال الفنية المعروفين المهتمين بك ويشترون أعمالك، حيث يتمحور الكثير من ذلك حول الشهرة والمال. إحصائيا يمكنني القول إن الفنانين الذكور معروفون أكثر ويجنون أرباحا أكبر في هذا المجال. لكن هذا لا يعني أن الفنانات أقل درجة من حيث المقدرة والإبداع. وبسبب التمييز المنهجي ضد الأعمال النسائية، فإن الرجال يحصلون على اهتمام أكثر وأرباح أعلى عن أعمالهم بشكل عام. وأنا أحاول أن أسهم في رأب هذا الصدع، بوسائل متعددة، وحلمي أن تحصل النساء المبدعات على الفرص التي يستحقنها.

 

بصفتك من العربيات القليلات اللواتي يدرسن الفنون في لندن .. ما رسالتك للشابات العربيات في هذا المجال؟

ليست لدي كل الإجابات عندما يتعلق الأمر بكوني فنانة، لكنني بصفتي امرأة عربية أعرف أنني يجب أن أحافظ على إيماني بذاتي وعزيمتي حتى أكون قادرة على النجاح في هذا المجال التنافسي الذي يتسم أحيانا بالتحيز للفنانين الذكور. على الرغم من ذلك، نصيحتي للنساء العربيات في عالم الفنون أن يكون لديهن إيمان بقيمتهن ومساهماتهن وألا يأخذن النقد اللاذع بصفة شخصية حتى لو كان هذا المقصود منه. كذلك أشعر بأنه يجب علينا أن نقدم الدعم بشكل مستمر ونشجع بعضنا البعض بصدق.

راما شوقي

بمَ تنصحين المرأة العربية التي تحب الدخول إلى عالم الفنون؟

إن كان لديك الدافع للإبداع فأنت تمتلكين صفات الفنانة! كما أن الالتزام والصدق مع النفس حول عملك يمكن أن ينتجا أعمالا رائعة!

 

لو طلبنا أن ترسمي لنا لوحة “بورتريه” من الشخصية التي تختارينها؟ ولماذا؟

كنت سأرسم لوحة لجدتي الراحلة، فهي كانت تجسد معنى المرأة القوية التي أطمح لأن أكون مثلها .. كانت امرأة تسبق زمنها كثيرا، لاجئة تهرب من الصراع، وأرملة عازمة على تعليم وتمكين أطفالها التسعة، وتحديدا البنات منهم. لقد كافَحَت كثيرا في الحياة وتركت أثرا على جميع من كانت تلتقي بهم، فقصة حياتها تستحق أن تكون “بورتريها”، وأنا أطمح لأن أكون صلبة ومتمردة وطيبة وعطوفة كما كانت هي.

 

أيضا لو طلبنا أن ترسمي لوحة من التراث العربي، فماذا تختارين؟

كنت سأحب أن أعيد النظر في جذوري العربية في لوحة أرسمها، فعلى الرغم من احتمالية تعقيد أو صعوبة هذه المسألة بالنسبة لي كوني من الجيل الأول لعائلتين لاجئتين. فأنا أبدا لم أتعرف إلى جذوري بالعمق الذي أرغب فيه. ولدت وترعرعت في دبي ولم أعرف فلسطين حبيبتي قط. لدي تقدير قوي جدا لشجرة الزيتون التي عمرها أكثر من مئة عام والتي تمنح المزارعين أنقى أنواع زيت الزيتون الذي يمكن أن نتذوقه. لذلك على الأغلب فإني كنت سأرسم شجرة الزيتون التي تزين وديان وتلال الضفة الغربية بشكل خلاب.

 

باعتبارك متخصصة في عالم الفنون، ما رأيك فيما حققته المرأة العربية في هذا المجال؟

أعتقد بالتأكيد أن المرأة العربية هي الأكثر مرونة في عالم الفنون، حيث لديها مقدرة عالية على التحمل والكثير لتعبر عنه. فورا أذكر “للا السيدي” التي هي قدوة لي، حيث يتناول عملها دور المرأة في العالم العربي ويمكن وصفه بأنه قوي ومتقن وجميل على حد سواء. أود أيضا تسليط الضوء على أعمال الفنانة السعودية نوف الحمياري التي تعمل في مجال الوسائط الفنية المختلطة (مكسد ميديا) والتصوير بشكل حسن. لقد قطعنا شوطا طويلا الآن وحصلت ثقافة الفنون على أهمية أكبر في المنطقة، وأنا متأكدة من أننا سنتابع المسير باتجاه المساواة.

من اعمال راما شوقي

بعيدا عن الفن والعمل، من أنت؟ وأين درست وعشت طفولتك؟ وكيف كانت أيام دراستك؟ وماذا تعملين حاليا العطلة؟ وكيف تعيشين؟

أنا محظوظة جدا كوني أعيش حياة ميسورة، الحمدلله. لقد عمل والدي ووالدتي بجد لتوفير بيئة مريحة لي ولإخوتي. فترعرعت في الحقبة الاقتصادية المزدهرة لدبي، وكنت طفلة ناضجة تقضي معظم طفولتها منهمكة في الرسم. وأعتقد أنني نميت في نفسي عادة تقييم الذات، لذلك فإن رسم لوحة واحدة في كل مرة لم يكن بالأمر الكافي لي أبدا. وبعيدا عن تطوير الفن البصري الإبداعي فقد نشأت على حب القراءة والكتابة. فكتبت قصصا قصيرة وأنا طفلة وفي مرحلة الدراسة الثانوية، وبرعت في الآداب والعلوم الاجتماعية. فلو اخترتُ مهنة أخرى كنت سأختار المجال الأكاديمي. كذلك أنا محظوظة لأنني أستطيع السفر في وقت فراغي مع أختي الكبيرة التي تعمل مصورة وكاتبة سفر وتأخذني في مغامرات معها، ومحطتنا القادمة هي المغرب.

 

من الذي قدّم لك الدعم من أفراد أسرتك وساعدك على اختيار مجال دراستك؟ ومن الذي يملك التوجه ذاته من أفراد عائلتك؟

أنا محظوظة لكوني قد تلقيت التحفيز من كل أفراد أسرتي للسعي وراء هذه المهنة.  فأختي التي ذكرتها سابقا هي من أكثر الأشخاص إبداعا. كذلك أبي نشر كتابه من القصائد الشعرية العام الفائت. أما أمي فقد اعتادت أن ترسم عندما كانت صغيرة، وأعتقد أن جيناتي لعبت دورا مهما في حياتي المهنية.

راما شوقي

ما الرسالة التي تودين توجيهها للفتيات والسيدات العربيات لحثهن على الاهتمام بالفنون؟

تعبِّر الفنون بطبيعتها عن حقائق فردية وتسمح للناس بالنظر داخل حياة الآخرين والتأمل بواقع الغير أو واقع المجتمع نفسه. فهي تنشر التسامح والحرية وببساطة عندما يكون لدى المرأة اهتمام بالفنون فهي تثقف نفسها وهذا بحد ذاته من الفضائل.  أود أن تعرف هؤلاء النساء والفتيات أن تجاربهن وواقعهن ذات قيمة وأهمية، وأتمنى أن أتمكن من تسليط الضوء على تجاربهم في أعمالي أيضا.

 

هل لديك وقت للتأمل؟ وبماذا تفكرين عندما تكونين وحيدة؟ وهل تمارسين أي هواية؟

في مهنة الفن أعتقد أنه من الضروري أن يكون لدي وقت للتأمل، ولكن بصفتي فنانة فإن خيالي لا يهدأ أبدا. وعندما يتاح لي وقت الفراغ عادة ما أقضيه في القراءة أو مع الأصدقاء والعائلة.

راما شوقي

أخيرا ما الذي يسعدك؟ وما أحلامك؟

سعادتي بمعرفتي أن ما أفعله يستطيع بطريقة أو بأخرى أن يُحدث تغييرا إيجابيا وأستطيع إيصال ما لا تستطيع الكلمات إيصاله بفاعلية. أنا ممتنة لكل فرصة أتت في طريقي، ويسعدني أن يكون لي صوت في هذا العالم.

يمكنك أيضا قراءة More from author