عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

 عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس
عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

عدنان الكاتب Adnan Alkateb

أجرى محاور المشاهير عدنان الكاتب مدير تحرير مجلة هي مجلة المرأة العربية الأولى ، حوارا شيقا ومطولا مع النجم العالمي “أنطونيو بانديراس” Antonio Banderas ، الذي ولد في مدينة ملقا بإسبانيا في العاشر من أكتوبر 1960، ولم يكن المكان الذي قضى فيه طفولته بعيدا عن مكان ولادة “بيكاسو” الذي يكنُّ له أنطونيو إعجابا كبيرا. وفي طفولته أراد دائما أن يكون لاعب كرة محترفا، لكن بعد أن كسرت قدمه تحطمت أحلامه، وعندما بلغ الرابعة عشر من عمره مثّل في أحد الأعمال الكلاسيكية الدرامية، ثم انضم إلى مسرح متجول حول إسبانيا، ونقلته أعماله في المسرح وأداؤه في الشارع إلى المسرح الوطني الإسباني، ليلفت أداؤه انتباه المخرج الإسباني الشهير ” بييدرو ألموفدار”، الذي إلى فيلمLabyrinth of Passion  عام 1982، ليرتقي بذلك أولى درجاته في سلم النجومية.

 

إضافة إلى موهبة التمثيل، برع في عالم العطور الذي يرى أن هناك صلة قوية بينه وبين المسرح والسينما، العطر بنفحاته العليا وقلب العطر وقاعدته بالعناصر الأساسية للمسرح من عرض الذروة والخاتمة. وهذه الخبره أهلته ليعقد اتفاقية مع شركة بويغ عام 1997 لإنشاء علامة “عطور أنطونيو بانديراس”، ليتألق في عمله بهذا المجال على مدى 18 عاما، ولاقت عطوره إقبالا كبيرا، ومنها “ديافولو” Diavolo “ميديتيرانيو” Mediterraneo “كينغ أوف سيداكشن” King of Seduction.

 

ما الذي ربطك منذ سنوات بعالم العطور؟

إنه عالم يثير الفضول لدي، وأدركت أنه مصنوع من العناصر نفسها التي يتشكل منها أي عمل فني. بالنسبة إلي، الفن هو بكل بساطة إعادة تقديم للطبيعة، أهمها طبيعة الإنسان التي هي الأكثر تعقيدا، والأكثر صعوبة من حيث الفهم، والأكثر جمالا. قد يتضمن ابتكار عطر عملية إعادة التقديم للطبيعة، وهو أمر مناسب، إذ إن معظم المكوّنات المستخدمة طبيعية.

 عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

ما الذي تمثله العطور بالنسبة إليك؟

إنها تعني الكثير، فقد تطورت علاقتي مع صناعة العطور بشكل هائل خلال علاقتي على مدى 18 سنة مع “بويغ” Puig، والعلامة التجارية لعطور أنتونيو بانديراس.

صناعة العطور هي شكل من أشكال التعبير، والآن وبعد أن تعرفت إليها عن قرب، يمكنني القول إنها تقريبا أحد أنواع الفنون. إنها عالم أكثر تعقيدا مما تصوّرت قبل الانطلاق في هذه الرحلة لمدة 18 عاما. في النهاية إنها نوع من التواصل التجريدي كما هي الموسيقى. عرفت مؤخرا أن تعريف العطور الذي تعطيه مدارس صناعة العطور ترتبط ارتباطا وثيقا بالموسيقى: فهم يتحدثون عن سيمفونيات وانسجام ونغمات، وهو صحيح، فالعلاقة ذات معنى لأنك لا تشم العطور بأنفك، بل تشمها بواسطة عقلك وذكرياتك. إنها مرتبطة بشدة بالأوجه الأكثر حميمية للشخص.

 

ما العبير الأول الذي تتذكره من طفولتك؟

أول عبير؟ إنه البحر. أبصرت النور في مدينة في جنوب إسبانيا، وشعرت بالقرب الشديد من البحر. مواسم الصيف عندي كانت تبدأ إلى حد كبير من منتصف أبريل وتنتهي في أوائل أكتوبر. غالبا ما كنت أنا وأخي نذهب إلى الشاطئ ونلعب بالقرب من البحر أو فيه. الروائح العطرية لليود iodine .. لكل ما له علاقة بالبحر، وليس فقط الشاطئ لكن الميناء أيضا، حيث اعتدنا اللعب كثيرا. المياه مختلفة في الميناء، إنها أكثر هدوءا، رائحتها مختلفة عن الشاطئ الذي يبعد عنها نصف كيلومتر فقط، الروائح مختلفة بالكامل. كل هذه هي ذكريات، وربما الروائح العطرية الأولى التي ارتبطت بي عن وعي.

 عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

ما الروائح العطرية التي تلهمك؟ ولماذا؟

هناك الكثير، وكل واحدة لسبب مختلف. تحملني الروائح العطرية إلى لحظات معيّنة من حياتي، لكن أيضا إلى أماكن ومواقع جغرافية محددة. إذا توجهت إلى مانهاتن، وشممت رائحة النقانق والإسفلت، أدرك أنني وصلت. إذا ذهبت إلى “مالق Malaga أشم رائحة البحر، وإذا كان ذلك في الربيع هناك عبير قوي لزهور البرتقال، إذ إن المدينة غنية بأشجار البرتقال. وعلى سبيل المثال، إن كنت هناك في عيد الفصح، تختلط جميع هذه الأحاسيس الربيعية مع روائح عطرية نموذجية، مثل البخور، والكثير من الأشياء الأخرى.

تشكل بعض العطور جزءا من تاريخي الخاص في الجاذبية. منذ مدة قريبة صادفت قارورة من “أغوا برافا” Agua Brava. أردت إعادة زيارة حقبة السبعينيات، لذا وضعت القليل وفكرت، هذه هي (يضحك). تعود بك إلى الوراء بالزمن، لكنها في الواقع هناك دائما محفورةٌ في جزء ما من ذهنك. إنها حقا تلك: الأماكن، الأشخاص، الحقبات.

 

هل سبق لك أن غيرت عطرك؟ ولماذا؟

أنا وفي، وأتعلق بسهولة بالناس والأشياء. وبما أن الحياة عاملتني جيدا، أفضل أن أبقى مع والأشخاص والأشياء التي ساعدتني في الحصول على ما حققت. من الواضح، منذ بدء علاقتي مع “بويغ” Puig ومع علامة أنتونيو بانديراس للعطور، لم أضع عطرا من أي علامة تجارية أخرى. لقد قلت ذلك في الكثير من المقابلات، وأنا متأكد أن البعض يعتقد أنني قلت ذلك لأسباب تجارية، لكنني أقوله لأنه صحيح. في العادة، أضع “ديافولو” Diavolo في النهار، وعطور أكثر رقيا في السهرات، خصوصا آخر وأحدث ثلاثة عطور: “بلو سيداكشن” Blue Seduction، “ذا سيكريت” The Secret و”كينغ أوف سيداكشن” King of Seduction، إنها مخصصة أكثر للمناسبات المميزة. “ديافولو” Diavolo كان عطري الأول، لكنني بقيت وفيا بالكامل له. يقول لي الزملاء وحتى بعض الأشخاص في فرق عمل “بويغ” Puig أنني يجب أن “أتقدم”، لكنني أحب العبير والشذا الذي يتركه عليّ. أعتقد أنه مناسب حقا لبشرتي، وما زال ملائما بشكل مثالي لمن أكون. قد أغيره عندما أنمو …

 

كل من عطورك يقدم بطريقة ما وجها من شخصية أنتونيو بانديراس. كيف تشعر حيال ذلك؟ وهل تعلمت شيئا ما عن نفسك خلال ذلك؟

بما أنني لست كيميائيا ولا صانع عطور، أحب أن أستمع إلى ما يقوله لي صانعو العطور في “بويج” Puig، لرؤية الطريقة التي يقدمونني بها من خلال عطر، ووضعي داخل قارورة. لماذا يربطون عددا من الصفات بي، وكيف يجسدون كل شيء ويعطونه عبيرا. أحب أن أعرف إن كان مرتكزا سواء على شخصيتي أو على شخصيات أديت  أدوارها، إذا كان عالم “ألمودوفار” Almodovar موجودا في عطوري، أو “زورو” Zorro، وما هناك منّي أنا.

 عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

ما الذي يلهمك في عملية ابتكار عطر؟ من البداية مرورا بعملية التطوير إلى المنتج النهائي؟

أجد أن تعقيد العملية مذهل، كامل السلسلة، من صانع العطور الذي يبتكر العطر إلى الأشخاص الذين يبتكرون التصميم المرئي للقارورة، والفريق الذي يطوّر خطة التسويق. لكن أيضا الطريقة التي نتعاطى بها مع عمليات الإطلاق، السفر معا لتقديم العطور، الجمعيات الخيرية التي نعمل معها حول العالم، معارض الصور والطريقة الفنية التي نقدم فيها العطور، جميع هذه الأشياء متحدة تجعل الأمور تعمل.

عندما ذهبت إلى المصنع، أدركت كم هي عملية التصنيع شديدة الدقة، وعدد عمليات المراقبة التي تجريها الأقسام المختلفة لكي يبلغ المنتج النهائي حد الكمال، لذا لا تتخلله أي هفوات أو أخطاء. كل ذلك يجري خلال عملية إنتاج شيء ما، وهو ما يعطي معنى للمشروع. أحب أن أرى الطريقة التي يجري فيها ابتكار كل ذلك، أن أكون جزءا منها، أن أشارك في العملية، وأن أحظى بدعم الشركة بالكامل. أن أكون قد ابتكرت شيئا ما، على مهل وثقة، من نقطة الصفر.

 

هل يمكنك أن تسلّط الضوء على إحدى صفات شخصيتك في كل واحد من عطورك؟

“ديافولو” Diavolo: هو العضو الأول في العائلة، وميزته الأساسية هي الإزعاج. أجل، أعتقد أن هذا ما يمثله “ديافولو”: أحد ما مرح شخص من النوع “السيئ” قد ترغب بشدة أن يكون بجانبك.

“ميديتيرانيو” Mediterraneo: يمتاز بشيء أعتبره ضروريا في الحياة لجميع الأشخاص بشكل عام، وللفنانين بشكل خاص: الأصالة. وهو ما يمثله هذا العطر. أنا معجب به جدا، لأنه كان العطر الذي كنت أضعه طوال وقت عملي على المسرح في برودواي. لقد كنت محظوظا كفاية للعمل في المسرحية الموسيقية “ناين” Nine، حيث كنت الممثل الوحيد من الرجال. أما باقي فريق التمثيل فكان من الإناث، لقد أحببن العطر منذ التمارين، لذا واصلت على وضعه حتى ليلة الختام، سنة كاملة تقريبا في برودواي.

“ذا سيكريت” The Secret: المشكلة التي صادفناها في “ذا سيكريت” هي أنني لا أستطيع أن أخبرك عن أي واحدة من مزاياي لأنه سر. لكن إذا نظرت هنا (مشيراً إلى القارورة) فقد تستطيع أن تدرك للتو، (يضحك).

“كينغ أوف سيداكشن” King of Seduction: هو الدون جوان الجذاب. ربما هو عطر أكثر تعقيدا، أكثر للأشخاص البالغين. إنه عطر أعتبره بكل صدق مساويا للعطور الكبيرة. تضعه من دون التفكير به وفي الأمسيات المهمة: حفلات العشاء، السهرات الخاصة، حفلات توزيع الجوائز، ذلك النوع من الأشياء. إنه عطر يعطيك ثقة بالنفس.

“بلو سيداكشن” Blue Seduction: بغض النظر عن اللون الرائع الذي يملكه (يضحك)، إنه عطر يسلط الضوء على الشغف. إنه يذكرني كثيرا بالبحر، لكن ليس ببحر “ملقة”، ربما أكثر بالبحر الكاريبي. يمتاز بشيء ما من منطقة البحر الكاريبي: الشغف، ولكن أيضا مع الانتعاش والتواضع. أحب الجزء السفلي من القارورة على شكل فسيفساء: تصلك العطور على المستويات كافة، من خلال عبيرها ولكن بصريا أيضا.

 

أي من عطورك تتماهى أكثر معها؟

إنها مثل أولادي، أتماهى معها جميعا! ربما ما يحدث معي هو نفسه ما يحدث مع المبدعين والمبتكرين: تعتقد أن آخر واحد صنعته هو الذي يمثلك. وهذا يعني أن أحدث واحد يفوز على الآخرين الذين يسبقونه، لكن بصورة عامة، أنا أتماهى معها جميعا.

 عدنان الكاتب يلتقي النجم العالمي أنطونيو بانديراس

ما صلة الوصل بين العطر والجاذبية؟

في الحديث مع صانع العطور في “بويج” Puig وصلنا إلى نتيجة أن الجاذبية هي عنصر أساسي في مجموعة عطوري. لقد تحدثنا عن شيء أجده حقا مثيرا للاهتمام: لقد شرح لي أن الياسمين يطلق في الليل عبيرا مختلفا عن الذي يطلقه في الصباح. في الصباح، يخسر الياسمين أحد الجزيئات. هناك جزيء تتم إعاقته من أجل جذب الحشرات التي تعمل على تلقيح النباتات. إنها الطريقة التي من خلالها تجذب النبتة أحد الحيوانات. بكلمات أخرى، إن مفهوم الجاذبية موجود مسبقا في الأصول الطبيعية للعطور. هذا الأمر مشوق جدا. أحب معرفة ذلك، إضافة إلى أمور أخرى عن هذا الكون التي أواصل من دون توقف تعلمها.

 

هل توجد صلة بين عالم العطور والسينما؟

أعتقد أنه يوجد. هناك أيضا رابط مع المسرح، لأنه يوجد في العطر شيء ما زائل ومتحوّل، هناك نفحات عليا، نفحات للقلب، ونفحات للقاعدة. العطر هو مثل أوبرا. في البداية، تنهال عليك افتتاحية تتبخر بسرعة. ثم تتجه مباشرة إلى قلب العطر، وهو حيث يتطور الحوار المركزي، ثم تأتي الخاتمة، النتيجة، نفحات القاعدة في العطر. إنها قواعد أرسطو في الدراما: العرض، الذروة والختام. وهذه هي الطريقة التي تتم فيها كتابة نصوص المسرحيات الكلاسيكية. وبما أن السينما ولدت تقريبا مثل نسخة طبق الأصل عن المسرح، وعليه أؤكد أن هناك صلة بينهما.

 

بالنسبة لك، ما الشيء الذي لا غنى عنه في العطر الرجالي وفي العطر النسائي؟

على عبير عطور الذكور أن يكون رجاليا. أحب النغمات الخشبية، أو نغمات التبغ، القهوة أو الجلد. بالنسبة إلي، العطور النسائية هي من الزهور، تشبه الربيع، وتتألف من روائح عطرية حلوة مثل الورود.

 

تعترف دائما أنك من أكثر الناس الشغوفين بالفضول.. لماذا؟

الفضول هو جزء من الإبداع، وجزء من الحياة. مع الفضول يأتي التسامح، القبول، ومعرفة سبب حصول الأمور للأفضل أو للأسوأ. فهم العالم الذي نعيش فيه والأوقات التي نعيش فيها. الفضول هو أيضا كلمة جميلة. على الرغم من التحدث عن الكلمات الجميلة، لا أعتقد كثيرا  بالسعادة، لأنني أتابع الأخبار، لكنني أعتقد في مواقف الحياة. ربما أجمل كلمة موجودة بالنسبة لي هي الفرح. الفرح هو شيء نشط، وموقف. من ناحية أخرى، السعادة هي أمر سلبي. الفرح هو موقف في مواجهة المشكلات والعوائق، شيء لم يجرِ بشكل جيّد. الفرح هو كلمة كبيرة أخرى. لكنني سأعود إلى لأقول: الحب هو المفتاح لكل شيء.

وأعتقد أنك تستطيع تحديد الحياة، النشاطات المهنية وعلاقتك مع الأشخاص الآخرين في طرق متعددة، لكن بالنسبة إلي، الحب هو مفتاح كل الأشياء. إن كنت تحب ما تفعله، يصبح سهلا. يدفعك محرك يصعب التحكم به ويقودك إلى الأمام ويساعدك على التضحيات، والقبول بالتعب والسفر والإخفاق، وكل ذلك يرتكز على الحب. إنه الكلمة الرئيسة للحياة بوجه عام.

يمكنك أيضا قراءة More from author