أهمية الفحص الجيني للأطفال المصابين بأمراض نادرة

تحدّثت لوسي جنكينز، مديرة المختبرات الجينية ورئيسة إدارة الجينات الجزيئية في مستشفى «جريت أورموند ستريت» للأطفال، عن الأمراض النادرة، وأهمية الفحص الجيني للأطفال المصابين بها. وأفادت أن المرض يعتبر نادراً حين يصيب 5 من بين 10 آلاف شخص، وأن هناك 6000 مرض، على الأقل، تُعتبر من الأمراض النادرة، وأن نسبة إصابة الأطفال بهذه الأمراض تبلغ 75%؛ حيث تودي هذه الأمراض بحياة 30% منهم قبل بلوغ العام الخامس من العمر.

وتقول جنكينز: “بحسب تقارير المركز العربي للدراسات الجينية، فقد سجّلت الشعوب العربية نسبة هي الأعلى في الأمراض الوراثية على مستوى العالم؛ حيث تمّ تحديد 906 اضطرابات وراثية’ جينية‘ لدى العرب وذرياتهم، منها 200 اضطراباً تعتبر شائعة في دول الخليج العربي”.

وتشرح جينكيز قائلة: “والغالبية العظمى من هذه الأمراض النادرة إما أن تكون وراثية’ جينية‘ المنشأ، أو أنها تحتوي – إلى حدّ كبير- على عناصر وراثية، ومن الممكن أن نجد قليلاً فقط من المصابين بأحد الأمراض النادرة، ضمن بلد أو منطقة معينة، ولكن، بالنظر إلى كثرة الأمراض النادرة، فإن العدد الإجمالي للمصابين سيكون كبيراً. وبهذا المفهوم، فإن الأمراض النادرة تعتبر شائعة”.

وتضيف جنكينز: “المرض النادر يعني بقاء المريض بدون تشخيص، نظراً لأعراضه الخاصة التي يغلب أن تكون مجهولة، وذات أنظمة متعدّدة ومعقّدة. ولذا، يُعدّ تشخيصه أمراً في غاية الأهمية، للمساعدة في السيطرة على الحالة، وتجنّب التخمينات الشخصية المتكررة، ووضع الخطة العلاجية. كما يُساعد ذلك تشخيص المرض النادر في دعم الأطفال المصابين في المدرسة والمنزل، ويُوفّر معلومات وراثية هامّة عن مخاطر تكرار الحالة ضمن العائلة، وبالإضافة إلى ذلك ، فهو يُساعد على المعالجة. فمثلاً، يُحدّد التشخيص – في حالة نقص المناعة- حاجة المريض إلى عملية زراعة نخاع للعظم، أو عدم الحاجة إليها”.

والفحص الجيني هو الوسيلة الوحيدة المتاحة للحصول على تشخيص للمرض النادر، وهنا يأتي دور لوسي جنكينز كباحثة استشارية سريرية؛ حيث تستقبل مع فريقها في المختبر الجيني الإقليمي لمستشفى «جريت أورموند ستريت» العيّنات من أطباء المستشفى نفسه، ومن أرجاء المملكة المتحدة ومختلف أنحاء العالم، ثم تجري عليها الفحوصات الجينية اعتماداً على الأعراض التي تظهر لدى المريض.

وتشرح لوسي طبيعة عمل الفريق، فتقول: “في البداية، نُساعد في التشخيص الذي يُؤسس لوضع الخطط العلاجية، وبانتهاء التشخيص نقوم بفحوصات تشمل جميع أفراد العائلة إذا تبين وجود ضرورة لذلك، كما نقوم بتشخيصات للأجنّة قبل للولادة. ونقوم بترجمة ونقل دراسات الباحثين في جامعة كلية لندن UCL و معهد صحة الطفل UCL، وإتاحتها للفائدة العامة للمختصين، باعتبارنا إدارة مخبرية معتمدة”.

وتضيف لوسي: “ومع للأسف، فقد تم تحديد نسبة الربع فقط من الأسباب الوراثية الجزيئية للأمراض النادرة، وهذا يعني أن عدداً كبيراً من الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بمرض نادر لم يتمّ تشخيصهم، وبالتالي لم تتمّ معالجتهم. وغالباً ما تكون للأطفال المصابين بحالات نادرة احتياجات صحية هامّة ومعقّدة، وفي غياب التشخيص سيكون من الصعب تحديد هذه الاحتياجات وتنفيذها”.

وتختتم لوسي حديثها قائلة:”نأمل في المستقبل القريب أن نتمكن من تشخيص وتحديد عدد أكبر من الأمراض الوراثية النادرة، ووضع الخرائط الجينية الكاملة لها، لمساعدة زملائي الباحثين على تقديم هذه التشخيصات لأكبر عدد ممكن من العائلات حول العالم”.

لوسي جنكينز هي مديرة مختبر «نورث إيست تايمز ريجينال جيناتيكس»، ومقرّه في مستشفى «جريت أورموند ستريت»، وهي باحثة استشارية سريرية في علم الوراثة الجزيئية. وبعد تخرجها من جامعة ليفربول كمتخصّصة في البيولوجيا الجزيئية، انضمّت لوسي للتدرّب كباحثة سريرية في مختبر «يوركشاير ريجينال دي إن إيه». أما مختبر «نورث إيست تايمز ريجينال جيناتيكس» في مستشفى «جريت أورموند ستريت» فهو دائرة مُعتمدة تشتمل على مختبرات خاصّة بعلم الوراثة الخلوي والجزيئي، بالإضافة إلى علم الوراثة السريري. وتضم هذه الدائرة حوالي 80 موظفاً، منهم؛ استشاريون في علم الوراثة السريرية؛ وباحثون مسجّلون رسمياً لدى الحكومة؛ وتقنيّون متخصّصون في علم الجينات؛ وموظفون إداريون. ويفحص المختبر سنوياً مع ما يزيد عن 26,500 عيّنة، ويُصدر ما يقرب من 18,500 تقريراً تحليلياً.

ويُعتبر مستشفى «جريت أورموند ستريت» واحداً من أفضل مستشفيات الأطفال على مستوى العالم، فضلاً عن كونه مركزاً بحثياً عالمياً رائداً لأبحاث الأمراض النادرة، والسرطان، والمناعة والجينات. وعبر شراكة المستشفى مع معهد صحة الطفل في كلية جامعة لندن يُعدّ «جريت أورموند ستريت» واحداً من أفضل خمسة معاهد الأبحاث لصحة الأطفال في العالم. وهو المركز الأكاديمي الوحيد للبحث الطبي البيولوجي في المملكة المتحدة، والمخصّص لصحّة الأطفال. وخلال الفترة بين 2010-2014، نالت الأوراق البحثية لمستشفى «جريت أورموند ستريت» و«معهد صحة الطفل» أعلى سجّل للاقتباس منها، من بين أوراق مستشفيات الأطفال في العالم، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة تومسون رويترز. كما يُولي مستشفى «جريت أورموند ستريت» اهتماماً كبيراً، بالدعم والرعاية المقدّمة للأطفال، وذلك عبر توفير جوّ منفتح وداعم يُساعد الآباء والأمهات والمرضى على استيعاب مراحل العلاج، ويدعوهم إلى المشاركة فيها بصورة وثيقة.